top of page

د. وصفي عاشور أبو زيد

في مثل هذا اليوم 2/2/2011م كنا في ميدان التحرير فيما عرف بـ "موقعة الجمل"، وكانت ليلة عصيبة ، بلغت فيها القلوب الحناجر والإجرام منتهاه، وظننا أنه قد أحيط بنا، فقتل منا العشرات، وجرح المئات، وظللنا في أخذ ورد، وكر وفر، واحمرار للحدق، واحمرار للأوجه، واستنفدنا كل وسائل الدفاع عن النفس، حتى دخل وقت ما قبل الفجر، فلما لم يجد المجرمون حيلة أطلقوا الرصاص الحي علينا، ثم انكسروا وانكسحوا عند طلوع النهار.

ونظرت في الميدان صباحها فوجدته خاليا أو يكاد، مما سرَّب القلق إلى نفسي ما لم يحشد الإخوان المسلمون حشدا كبيرا، وقد كان لهم فضل كبير في حماية الميدان والمعتصمين في هذه الليلة، واستمرار الثورة بعدها.

وقد كان المخلوع قد ألقى خطابا في اليوم السابق، عرف بـ "الخطاب العاطفي" الذي ألقاه ليستمطر رحمة الشعب ورأفتهم، لكن الممارسات الحمقاء التي قام بها البلطجية ومؤجروهم، قلبت السحر على الساحر.

وكانت المفاجأة يوم الخميس 3 فبراير 2011م حيث ظهر الميدان مليئا عن آخره، وهاتفتُ يومها شيخنا القرضاوي من قلب ميدان التحرير لأطمئن عليه وأدعوه للنزول إلى مصر وخطبة الجمعة، فقال: "لقد تشاورت مع قادة الميدان ورأوا تأخير الأمر، ويمكن إذاعة الخطبة مباشرة".

وبالفعل ذهبت إلى د. صفوت حجازي، ود. محمد البلتاجي - وكانا أسدَيْ الميدان بلا منازع، وهما اليوم مأسوران مختطفان مع باقي رموز الثورة - وأخبرتهما بأهمية إذاعة خطبة الشيخ غدا.

ثم كان يوم الجمعة 4 فبراير الذي عرف بـ "جمعة الرحيل"، وتمت إذاعة خطبة شيخنا القرضاوي، ووقع يومها موقف الشيخ جمال قطب؛ حين أُعطِي الكلمة وأعلن تصديقه لرئيس الوزراء وقتها أحمد شفيق الذي أنكر علمه بموقعة الجمل، فهاج عليه المعتصمون ورفضوا كلامه وهتفوا برغبتهم في استكمال خطبة القرضاوي، واختفى الرجل ثم ظهر د. صفوت حجازي ليعيد للميدان هدوءه، ويعيد الرجل إلى تكملة كلمته ..

كانت جمعة الرحيل جمعة مشهودة تزلزل فيها الميدان، واستعدنا فيها الأمل، وذهب ما في قلوبنا من قلق وهم، ودحر الله الجمال والبغال والحمير، ومن عليها، وكان هذا اليوم سببا في تسريع خلع مبارك.

 

****

ويبقى موقف الجيش يومها موقفا مريبا؛ حيث وقف محايدا، وسمح للبغال والحمير والبغال، ومن فوقها من "حيوانات" مرتزقة، بالدخول للميدان الذي امتلأ يومها بالدماء والأشلاء.

وسيبقى هذا اليوم - وغيره - شاهدا على إجرام النظم القمعية، وإثارة الريبة في موقف المجلس العسكري، كما سيظل شاهدا على دور الإخوان وشبابهم، ورغبتهم في التضحية والفداء.

 

 

 

شهادتي على موقعة الجمل في ذكراها الثالثة

Icon 6
bottom of page