top of page

 

 محمد منصور

 

(التمكين  للحق ليس نزهة؛ بل هو وظيفة شاقة، نخشى أن يرسب فيها الممكن؛ فالتحديات تتضافر من أجل فرض واقع أليم، ذقنا مرارته سنين عجاف، واقع يُخَطط له أن تختفي فيه الهوية الإسلامية من شخصيتنا، واقع هو تطبيق معاصر لقانون ورقة بن نوفل، الذي ينطبق على كل مَنْ يحمل رسالة حق.

 

وإن محاولة إخراج التيار الإسلامي الآن من ساحة التأثير هي الإخراج المناظر لما قرره ورقة بن نوفل في قانونه، عندما قال للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ: ( ليتني فيها جذعا ـ شابا جلدا ـ حين يخرجك قومك؛ فقال النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أومخرجي هم؟!؛ قال : نعم ما أتى أحد بمثل ما جئت به إلا عُودي و أُخرج ).

تلك قراءة الأستاذ/ مصطفي مشهورـ رحمه الله ـ للمعركة بين الحق و الباطل، كما قرأها أصحاب الدعوات قاطبة عبر التاريخ، و كانت خلاصة تجاربهم هي العمل و الكفاح لمواجهة الباطل جنباً إلى جنب قائد العمل، و هو  ـ بالضبط ـ ما قرره ورقة بن نوفل؛  إذ حينما علم علم أن ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ هو الحق من عند الله؛ عرف العمل المطلوب منه، و هو نصرة الحق بكل قوة؛ لذا قال: ليتني فيها جذعا ؛ ليواجه التحديات، ويشارك في التغيير و صنع مستقبل أفضل للحق الذي آمن به ؛ إذ لابد للحق من قوة تحميه .

وكذلك فعل ذو القرنين؛ لمَّا قال لمَنْ سألوه النصرة ببناء سد منيع؛ فقال: ( أعينوني بقوة )، أي لابد من أن تشاركوني العمل؛ كي تنقذوا أنفسكم ، فأشعل الحماسة في قلوبهم، و جمع صفوفهم، و استنفر قوتهم؛ ليعملوا لقضيتهم المصيرية، ويتوحدوا عليها؛ فهو ليس بديلا عنهم، بل علم وجوب تعبئتهم لحل كل مشاكلهم بأنفسهم؛ أي نقلهم من شعب يريد إلى شعب يشارك؛ ( أعينوني بقوة ـ آتوني زبر الحديد ـ قال انفخوا ـ آتوني أفرغ )، و لقد شاركوا معتمدين على ذواتهم نابذين الحلول المستوردة، مستغلين الإمكانات المتاحة والمواد الأولية المتوفرة؛ فكان النجاح حليفهم، وكان سدا منيعا محصنا ضد أعدائهم ( فما اسطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا )، كل هذا والقوم كانوا لا يكادون يفقهون قولا، فما منعهم أن يفهمهم و يفهموه ؛ فالهدف وحدهم وكان اللغة التي جمعتهم .

بل إن الاحتجاج الشعبي الثوري استطاع دفع الانقلاب إلى مرحلة الانتحار السياسي؛ حيث مارست سلطة الانقلاب أشكالا من القمع تُسقط أي مبرر شرعي أو اخلاقي عن أي سلطة، إضافة إلى تفريغ أدوات القمع من أي تأثير؛ فأصبحت سلطة الانقلاب بلا أي أدوات فاعلة، و غدا الانقلاب محاصرا في مربع السلطة الغاصبة و الغاشمة.

و لم يعد السؤال هل ينجح الانقلاب أم يسقط ؟؟، بل أصبح السؤال هو: متى يسقط الانقلاب ؟)أ.هـ بتصرف  

مما يحتم علينا ـ نحن الشعب ـ  استهداف وحدتنا؛ لعلاج حالة الاستقطاب و التشرذم؛ التي يسيطر الانقلاب علينا بسببها، و أن نجعل الانقلاب في مرمى هدفنا؛ بمجاهدته مع الثوار في كافة الميادين، وأن تشيع بيننا ثقافة أداء الواجب قبل ثقافة تحصيل الحقوق.

هذا وإن البطولة في الكفاح ليست في الاعتماد عليهم فقط ؛بل البطولة كل البطولة أن نكون نحن جميعا الأبطال وصدق الشاعر :

إذا المرء لم يدفع يد الجور إن سطت        عليه، فلا يأسف إذا ضاع مجده

ومن ذل خوف الموت كانت حياته           أضر علــــيه من حـــمام يوده

وأقتل داء رؤية الــــعين ظالــــــما          يسيء ويتلى في المحافل حمده

وليكن نشيدنا: ادعوا إلينا الدنيا فقد أبرمنا أمرا

واجمع علينا الناس نتلو عليهم من لدنا ذكرا

سنُطب المريض بدوائنا و سنؤَمِنُ الخائف في رحابنا

وسننفخ في الجبان من روحنا

صُمَّتْ أُذنُ الدنيا إن لم تسمع لنا

محمد منصور
bottom of page