حازم سعيد :
أزداد يقيناً مع كل لحظة تمر من عمر الانقلاب بنصر الله سبحانه وتأييده للفئة المؤمنة التي شرفني الله سبحانه أن أكون منها ومعها .
ويكفيني آيات من كتاب الله الكريم لتحقق عندي هذا اليقين ، من مثل قوله سبحانه " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ، وترجون من الله ما لا يرجون " .
وقوله عز وجل " حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين " .
وقوله سبحانه : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم " .
وقوله عز من قائل : " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار " .
ومع هذا النعيم بآيات كتاب الله الكريم ، ومع هذا اليقين الذي نستمده من الله سبحانه ، فإنه برحمته وعطفه وكرمه بالمؤمنين يرسل لهم علامات تأييد وبشارات توفيق ، وأدلة مادية فعلية تشاهدها الأعين والأبصار لقرب نصره ، ومقالة اليوم تجمع لكم مجموعة من المكاسب المعنوية والحسية والتي تؤكد توفيق الله لثورتنا وأنها تكتسب كل يوم نصراً حقيقياً وأنها إلى اتساع وتأييد ، والباطل الانقلابي الخسيس إلى زوال إن شاء الله .
أولاً : اصطفاء الشهداء :
وفي هذا من التكريم ما فيه ، والصورة التي يموت عليها شهداؤنا من العزة والكرامة والإصرار والتواضع لله ، والإشارات التي يرسلونها لنا وهم يستشهدون هي من أعجب العجاب ، ولو أنها حصرت من قبل المتخصصين في الأرشفة والتأريخ لأخرجت لنا عجباً كعجب أفعال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
انظر إلى هذا الذي يستسمح أصحابه وإخوانه قبل سويعات من استشهاده ويقول لهم سامحوني إن كنت أخطأت في حق أحدكم يوماً ما ، ثم يختم تدوينته بقوله : " يا رب أحسن خاتمتي " .
وانظر إلى هذه التي توصي إخوانها وأخواتها وأهلها بالثبات والتمسك بحبل الله وطريقه قبل سويعات من استشهادها .
وذلك الذي يقف في الصف مقبلاً غير مدبر ويقول لأخيه المرتعد بجواره والخائف من الرصاص ومن الموت : اثبت وجدد نيتك إننا للموت الشريف خرجنا ، وهذا هو الموت الشريف ... يا الله
إن جيلاً وأمة وطائفة وفريق يصطفى منه أمثال هؤلاء لهو فريق يصنع على عين الله سبحانه ، وكفاني بهذا تأييداً وتثبيتاً .
وأزعم أن أمثال هؤلاء المجتبون هم ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم : " وددت لو أنا رأينا إخواننا " .
ثانياً : ثبات أنصار الشرعية : (الصلة بالله سبحانه - الإصرار على الطريق – التماسك – القوة المعنوية ) :
وأعني بالثبات هنا حالة الصلة بالله سبحانه التي أراها في عيون وكلام وفعال أنصار الشرعية ، واستمدادهم العون من الله بأفعال العبادة كلها من قول أو فعل ، وتواصيهم بذلك ، لا أحدث أحداً من أنصار الشرعية إلا ويوصي أخاه بقيام الليل وبورد القرآن والدعاء وبصيام الأيام البيض أو الإثنين والخميس وغير ذلك مما فيه استمداد رضا الرب الكريم .
وأعني كذلك بالثبات إصرارهم على طريقهم وعلى الحق الذي معهم دون تردد أو زيغ ، وكلما جاءت المحن والمزلزلات ، تجدهم ثابتين بحالة من ( العناد الرهيب ) ، وكأن الله كشف الغيب لهؤلاء المجاهدين فلا ينحرفون أو يميلون .
وأعني كذلك بالثبات حالة التماسك الرهيبة والتوحد التي توجد بين القيادة والجنود لدرجة أن من كانت عنده في أوقات الرخاء شبهة أو اعتراض أو انتقاد للقيادات تجده الآن أطوع من الطوع نفسه ، وأسلس في يد إخوانه من غيره ، ويا سبحان الله .
وأعني بالثبات أيضاً هذه القوة المعنوية التي أراها في كل أنصار الشرعية ، وحالة السكينة التي ينزلها الله عليهم ، وفي عز الوقت الذي ينبغي فيه على كل البشر أن يجزعوا تجد وجوهاً ثابتة متيقنة صابرة ، انظر إلى أم الشهيد أو أبيه أو أخيه والأقوال التي يعلقون بها على استشهاد ذويهم ستجد العجب الذي ينبغى أن يكتب بماء الذهب في كتب التاريخ .
وانظر إلى بعض الكلمات في مثل هذا المعني والتي أطلقت حول كم مؤيد للانقلاب أصبح الآن مؤيداً للشرعية ( كثير ) ، وكم مؤيد للشرعية أصبح الآن مؤيداً للانقلاب ( لا أحد ) .
ثالثاً : الشريحة العمرية التي تؤيد الشرعية :
وأعني بهم مستقبل الأمة ( الشباب ) ، الذين تعج بهم ثورتنا ويتفانون من أجلها ، ومن أكثر من يقدر لهذا الكلام قدره أمثالي ممن عاني هو ورفاقه أياماً وليالي يفكرون في كيف سنستوعب أبناءنا المتسربين ، فإذا بالباطل الخسيس يقوم بانقلابه ، ليفاجئنا الله سبحانه بإقبال أبنائنا علينا ، بل ودفاعهم المستميت عن شرعيتنا ، بل وإقبال أصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم بالمئات والألوف .
والتصويت على دستور سكسونيا الانقلابي وما شهده من عزوف هذه الشريحة العمرية اعتراضاً وثورة ، وهي الفضيحة التي لم يستطع إعلام الزيف والباطل نكرانها ، كل ذلك هو من المكاسب المادية الحقيقية على الأرض والتي يحققها الله سبحانه بفضله وكرمه لثورتنا .
الميزة في هذه الشريحة العمرية الرائعة أنها تتسم بالعند الإيجابي ، فأمثالهم يستعصون على الترويض بالعنف والقوة ، وأمثالهم ذاقوا طعم الحرية فاستساغوه ولم يحنوا رؤوسهم للطغاة ولم يعرفوا ذل العبودية الذي عاشته أجيال ما بعد الأربعين والخمسين والستين ولا يستطيعون مغادرته .
ولتعرف مدى تأثير هذه الشريحة تدبر في قرار الانقلابيين بتأخير الدراسة إلى 20 فبراير في قرار أحسبه لا يحدث في مصر إلا أيام الحروب ، وذلك خوفاً منهم وذعراً ورعباً من التجمعات الطلابية والتي ذاقوا ويلاتها في النصف الأول من العام ، وسيذوقون إن شاء الله مثلها وأشد منها في النصف الثاني إن استمر الانقلاب .
رابعاً : خبرات المواجهة التي يكتسبها الثوار يومياً :
وهذا من فضل الله العميق ، الانقلاب وهو يواجهنا بالقوة والغاز والخرطوش والرصاص الحي والآلي والمتعدد ، لا يعرف أنه يكسبنا كل يوم خبرات في المواجهة وتكتيكات حرب الشوارع ، ما كان لنا أن نتعلمها كما نتعلمها هذه الأيام .
لقد أبدع الشباب والثوار في فنون الاعتراض بسلمية ، والقيام بحرب شوارع لا تستنزف فيها أرواح الخصوم بما يدين ثورتنا ، وفي المقابل تواجه رصاصهم بأقل الخسائر ، مع الصمود والوجود والتحدي وتعطيل مصالح الانقلاب ، مع الإبداع والابتكار في ذلك كله ، إنهم يكسبوننا خبرات ما كان لنا أن نستفيدها إلا في هذا الجو من التحدي والعناد .
لقد كنت أقول منذ وقوع الانقلاب – ولا زلت – أن هذا الانقلاب هو تسلية بالنسبة لما بعده ، إنه إعداد لأجيال تقود الأمة الإسلامية لخلافة على منهاج النبوة الراشدة ، إنه تدريب وتهيئة وتربية لمواجهة اليهود في فلسطين المحتلة ، وما كان لمناخاتنا التربوية والإعدادية التي تتم في جو الرخاء أن تنتج هذه الشخصيات المبتكرة الخبيرة الواعية الثابتة المناضلة التكتيكية المجاهدة ...
وكما سجن يوسف بعد تربية القصور ليستطيع القيام على أمر النبوة والقيام على خزائن الأرض ، وكما أبعد موسي وعمل بالزراعة بعد تربية القصور ليقوم بشأن النبوة وتحرير بني إسرائيل من فرعون ، يصنع الله على عينه هذا الجيل ليقوم بمهمة عظيمة جليلة .. وستذكرون ما أقول لكم ، وأفوض أمري إلى الله .
خامساً : الانهيار المعنوي للشرطة مقدمة للانهيار المادي :
والذي تراه من هلع وجذع الشرطة في مواجهة الثوار هو مقدمة رهيبة لما سيحدث قريباً ، وقريباً جداً إن شاء الله لهؤلاء الفشلة الانقلابيين ، حيث لا يناضلون عن عقيدة ، ولا يقاتلون العزل عن مبدأ ، وإنما هو غرور القوة التي ما أن بدأ الثوار يمتلكون ( قشور قشورها ) إلا وارتعد المبطلون .
انظر إلى مشاهد الفيديو الذي صور من داخل عربة الشرطة المحاصرين بحلوان لترى أنهم ورق ودخان وزبد ولا شئ .
وانظر إلى الضابط الذي انبطح أرضاً بالإسماعيلية ومثلها بالإسكندرية لأن الثوار أطلقواً شمروخاً مما يطلق بملاعب الكرة ، تخيلوا ضابط برتبة مقدم أو عقيد ينبطح أرضاً من إطلاق شمروخ ، أي انهيار ورعب هذا !
ثم هذه الجرأة وقوة الإرادة والتحدي من الثوار على كسر هيبة الشرطة من خلال حرق الأدوات التي يقتلوننا بها ، وكم الخسائر المادية التي تحدث لهم يومياً من تدمير بوكسات وحرق مدرعات .. الخ
وكذلك افتضاح أمر كثير من الجناة والمجرمين منهم ونشر صورهم وعناوينهم على النت بما يعني أنهم أصبحوا مشاعاً لأي ثائر خارج السيطرة وخارج طوع قيادة الثورة ، بما يعني أنهم أصبح هدفاً رخيصاً وسهلاً لأي صائد يغرد وحده لتصبح ممتلكاتهم وأرواحهم وأولادهم ونساؤهم عرضة للقصاص العادل بما يفعلونه في بنات ونساء وأطفال الثوار من قتل وانتهاك . كل هذا ملأ قلوبهم رعباً وقلقاً .
لتأخذ على هذا دلالة انظر لزيارات السيسي المكوكية قبل 25 يناير لأكاديمية الشرطة وللوزارة حتى يقوم لهم بعملية التثبيت حتى يستمر في توريطهم ، وأيضاً لأن الجيش لا يستطيع وحده مواجهة ثوار الشارع بسبب الفارق العددي الرهيب ، وهو التثبيت الذي لم يدم أثره مع أول مواجهة مع الثوار .
أكتفي بهذا القدر من المقالة وأكمل إن شاء الله في الجزء الثاني مع العناوين التالية : ( كسر هيبة السيسي الفاشل ودخوله معركة هو فيها منزوع الاحترام من البداية - فشل الانقلاب في كسب أي تأييد دولي معلن حتى من صانعيه - بوادر محاكمة الجناة دولياً - تأزم الوضع الاقتصادي - فراغ جعبة سحرة الطاغية ( الإعلاميين ) - فضح كل الوجوه المستترة - خذلان الانقلابيين في مواطن كثيرة ) .
كبسولة :
-
من دلالات تفويض خونة المجلس العسكري للخائن السيسي والصيغة التي أطلقت بها ( تفويضه في تقدير مصلحة البلاد بالترشح للرئاسة ) أنهم مترددون متزلزلون مرعوبون من القرار ، حيث الخائن السيسي لا يدري أي المصلحتين أفضل أن يبقى وزيراً للدفاع مرئوساً ( وهو ما يصادم طموحاته وأحلامه التي يظن بانقلابه الغادر الخسيس أنها اقتربت وآن وقت قطافها ) ، أم يحاول أن يكون رئيساً مع خطورة الأسباب المادية التي يتضح بها فشل الانقلاب وهي التي عرضت بعضها وسأعرض إن شاء الله في الجزء الثاني للبعض الآخر ، والتي تعني أن الأمر مجازفة ربما تسفر عن خروجه من المشهد بالكامل .
هذه الحيرة وتلك الزلزلة تجعلهم لا يستطيعون سوى ( التفويض بتقدير المصلحة ) ، وليس مثلاً تفويضه للترشح مباشرة .
طبعاً بخلاف الدلالة الأساسية من إطلاقهم لقنبلة دخان ودراسة رد فعل الناس والشارع حولها ، وهو رد الفعل غير المبشر لهم ، حيث لم تخرج الاحتفاليات بالشوارع والحشود لتأييد القرار إلا من المصطنع كحشد عمال المصانع للتأييد ، وهذا كله يعكس خيبة أملهم وانهيارهم القريب الوشيك إن شاء الله .
ذلك كله بخلاف الدلالات الأخرى التي ذكرتها في المقالة الماضية من أنهم يمتلئون كبراً وغروراً وعجرفة وأنهم يشعرون أنهم وحدهم الذين يستطيعون تقدير المصلحة بل والتفويض فيها ...
إن شاء الله سيخيب الله سيعيهم ونرى عن قريب خذلانهم وزوالهم ، ولا ريب فإن من تورط فيما تورطوا فيه لا يمكن أن يتملك إلا عقول المجانين .
-------------
مكاسب الثورة الفعلية على الأرض .. وخسائر الانقلابيين (1/2)
